عرف الفكر الإسلامي الموازنة التخطيطية وقدر الاحتياجات والايرادات اللازمة لتغطيتها كما ورد في قصة يوسف عليه السلام والتي حكاها القرآن بقوله: {إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات}(2). فقد أرسى سيدنا يوسف لملك مصر موازنة تخطيطية توافرت لها الأصول العلمية والعملية وازن فيها الانتاج الزراعي (الايرادات) والنفقات الاستهلاكية بهدف مواجهة المخاطر المحتملة من المجاعة المتوقعة فقال لهم تزرعون سبع سنبلات خضر فما حصدتموه فاتركوه في سنابله ليعطيهم اجمل صورة للتخطيط الاستراتيجي والذي من شانه حفظ الايرادات (المنتج الزراعي) بعيداً عن المؤثرات الخارجية وليتم استخدام ذلك في سنوات القحط بغرض تخطي فترة الكساد في ضوء الظروف المتاحة وقد وضع يوسف -عليه السلام- نظاماً استمر تطبيقه خمسة عشر عاماً نجده في قوله تعالى: ( قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إلا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُون) (1).
وفي الآيات المباركات نجد مشروعاً له ثلاث مراحل: -
المرحلة الأولى :تستمر سبع سنوات حدد يوسف-عليه السلام- معالمها كالآتي :
ـ خطة الإنتاج : (تَزْرَعُون) ( الزراعة)
ـ مدة الإنتاج : ( سَبْعَ سِنِينَ)
ـ مستوى الإنتاج : ( دَأَباً) عملا دائباً متواصلاً.
ـ زيادة المدخرات : ( فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ)
ـ تقييد الاستهلاك : ( إِلا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُون َ) .