عندما نزل القرآن على الناس، نزل بلغة العرب فكانت الآيات تنطق بلغتهم "الم"، كهيعص"وكان من المعروف بأن العرب من أشد الناس تفاخرا وكبرياء بلغتهم، فتحداهم الله بأن يقولوا كلاما مثل هذا القرآن فقال متحديا العرب:
"قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ "
(سورة القصص، 49)
فعجزوا عن ذلك فجاء التحدي بصورة أخرى.... أسهل من الأولى:
"قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ "
(سورة هود، 13)
فعندما انقلبوا خائبين جاء التحدي الفاضح الدال على عجزهم:
"فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ "
(سورة البقرة، 23)
فأثبت القرآن عجزهم التام في هذا..
"قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً "
(سورة الإسراء، 88)
فبدؤوا بالتشكيك في القرآن ..... وقالوا أنه مجمع للأخبار والأساطير الأولى ..... فأتوا بالنضر بن الحارث وأقعدوه عند النبي وكلما أراد أن يتكلم -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن فليقاطعه ويبدأ بسرد القصص والأساطير التي واجهها في أسفاره وترحاله.. وبالفعل نجحت الخطة في بداية الأمر....وسر بذلك النضر أيما سرور وكان يقول متباهيا:
"بم محمد أفضل مني؟ هو يحدث بأساطير وأنا أحدث بأساطير.."
فنزل قول الله الفصل:
"وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً "
(سورة الفرقان، 5)
وبعد أيام؛ بدء الناس بالملل.. وبدأ يتناقص مجلس النضر الواحد تلو الآخر ..... وتجمعوا عند النبي ليرفعوا راية النصر للقرآن.. فليس القرآن قصصا فحسب وإنما جامع لكل شيء..
فما الحيلة الآن؟؟
وماذا نقول للذين أُذهبت قلوبهم بالقرآن؟؟
أيعترفون أنه من الله فتذهب مكانتهم ويبين كذبهم!!
لا والله؛ فأشيعوا أن النبي يأخذ القرآن من رجل اسمه (( الرحمن )) في اليمامة وهو رجل أعجمي!! عجبا والله
"لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ "
(سورة النحل، 103)
فانقلبوا على أدبارهم خاسرين..
هذا هو موقف العرب من بلاغة القرآن .... وفصاحته واكتماله وتناسقه.. عرفوا أنه من الله ...وأنه لا أحد يستطيع أن يأتي بمثله، ولكن عزة الإثم منعتهم من الإيمان .... فأي مصير لهم بعد أن عرفوا الحق وحادوا عنه..
حتى أنه قَسّم العرب كلامهم إلى نوعين؛ شعر ونثر، ولكل منهما أنواع، فعندما جاء القرآن وحي الله الخالد؛ اضطر العلماء إلى تقسيم الكلام إلى ثلاثة أنواع، شعر ونثر وقرآن، لأنه ما استقام تحت الشعر وما استقام تحت النثر..
وسأتطرق في الإعجاز اللغوي إلى نوعين من الإعجاز..
- الإعجاز البياني .
- الإعجاز التصويري .
وهناك الكثير من صور الإعجاز اللغوي في القرآن، ولكن لضيق الوقت ولسهولة هذين النوعين فهما للعالم والمتعلم..
<<يتبع>>
*** إقتباس من بحث كتبه الأستاذ/ سليمان عبدالله الخزي ، وحصل به على المركز الثاني على
مستوى دولة الكويت لمسابقة البحوث التابعة لوزارة التربية - إدارة المكتبات